الارهاب ظاهرة خطيرة تتعرض لها المجتمعات الانسانية و في كل يوم تقع حوادث ارهابية و اغتيالات في العالم حيث عجز عن مكافحة الارهاب و التطرف و اعمال العنف لان اسبابها موجودة و المسبب يحقق بعد وجود سببه و المعلول يوجد بوجود علته و قبل كل شيء يجب ان نعرف منشأ الارهاب و الاسباب و الدوافع لنستطيع ان نستاصل اسبابها و نقضي على عللها و من ثم القضاء على هذه الظاهرة الخطيرة و التقليل منها ليسود الأمن و السلام في العالم.
ولكن قبل الحديث عنها ينبغي ان نوضح الفرق بين الارهاب و العمل الجهادي و الا نخلط بين المفهومين فان الجهاد عمل مقدس و باب من ابواب الجنة فتح الله لخاصة اوليائه فإذا رأينا مسلما يدافع عن عرضه و شرفه او يدافع عن ارضه و ترابه و دينه و اسلامة و قرانه فهذا العمل لايسمى ارهابا بل يسمى جهادا و دفاعا فالمقاتلون المسلمون في جنوب لبنان الذين يدافعون عن ارضهم و كرامتهم و اسلامهم ليسوا ارهابيين بل يعتبرون مجاهدين و ابطالا و المسلمون في الشيشان الذين يقفون بوجه الظلم و الطغيان و الفساد و الاحتلال لا تسمى عملياتهم ارهابية، و المقاومة الكويتية البطلة حينما وقفت امام جيش صدام الوحشي حتى اخرجوا من ارضنا اذلاء صاغرين لا نستطيع ان نطلق على عملهم المشروع و المقدس اسم الارهاب و اطفال الحجارة في ارض فلسطين و المقاومة الفلسطينية حينما يقارعون الصهاينة و يرشقون جنود البغي و الضلال بالحجارة او يقومون بعمليات استشهادية داخل اراضيهم المحتلة او يرعبون و يرهبون اعداء الله و يطبقون الآية المباركة «و اعدوا لهم ما استطعتم من قوة و من رباط الخيل ترهبون به عدو الله» لا يصح ان نطلق عليهم ارهابيين بل يجب على العالم و على جميع الاحرار و الشرفاء، ان يطلقوا عليهم مجاهدين و ابطالا و على عملياتهم و ملاحمهم البطولية عمليات جهادية و فدائية و استشهادية و مع الاسف الشديد ان العالم الغربي نتيجة لعدائه مع الاسلام و المسلمين و القرآن و لبغضه و حقده على محمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) و دينه المقدس يسمي هؤلاء المجاهدين بالارهابيين و يقف بجانب الصهاينة اعداء الاسلام و الديانات السماوية و الانسانية و يذرفون دموع التماسيح على قتلى مجرمي الصهاينة و الدول العظمى التي اسست دويلة اسرائيل الغاصبة على اساس القتل و الارهاب و الظلم و الطغيان تتهم هؤلاء المظلومين و المحرومين المدافعين عن ارضهم و كرامتهم و عزتهم و كيانهم بالارهاب.
و هناك اسباب عدة للعنف و الارهاب في العالم ننكر بعضا منها:
الاول: العامل النفسي و السيكولوجي اي الكبت و الحرمان و عقدة الانتقام فان مجموعة من الناس يحسون بانهم منعزلون عن الامة و هي لاتهتم بهم ولا تعير لهم اهمية فتشعر هذه الجماعة بالنقص و الحرمان والكبت فتنمو فيهم عقدة الحقارة و لاجل افراغ هذه العقدة و جبران هذا النقص و اشباع غريزة الانتقام يقومون باعمال ارهابية، و من الطبيعي ان العقدة قابلة للانفجار في اي لحظة و الحوادث الارهابية التي وقعت في العالم حينما نفتش عن سببها نرى بعضها ترجع الى هذا العامل و كذلك اذا تربى في اسرة متفككة تربية فاسدة فتنمو فيه هذه العقدة.
الثانى: غسل الادمغة و العقول من خلال بعض الاحزاب او الجماعات الدينية او غيرها او من خلال بعض العلماء المتطرفين الذين يصدرون بعض الفتاوى الشاذة و يكفرون المجتمع او يأمرون اتباعهم بعد ان يرتبطوا بهم و يطيعوهم و يتعبدوا بارائهم بالقيام بعملياتارهابية و قتل الابرياء و الارهابيون ينفنون هذه الاوامر من غير اي استفسار لانهم امعة و اداة طيعة بيد هؤلاء او يقرأون عليهم بعض الآيات القرآنية النازلة في حق محاربة اعداء الاسلام و أئمة الكفر و يأولونها و يطبقونها على خصومهم السياسيين المسلمين و على المجتمعات الاسلامية بحجة انهم كفرة فسقة خرجوا عن دين الاسلام و حكمهم حكم المحارب في الاسلام و هناك عامل آخر و هو ان المشايخ و العلماء او نفس الارهابيين يقتنعون ان اعداءهم المسلمين المؤمنين عقبة امام المد الاسلامي و الصحوة الاسلامية و الدعوة الى اقامة حكم الاسلام فيجب ازالتها.
إن هذا العامل اخطر عامل يهدد مجتمعنا و بلدنا، فإن هناك من يستغل نفوذه الديني و تأثيره الروحي على الجماعات المرتبطة به فيحرك عواطفهم الدينية و يثير مشاعرهم الاسلامية و ينفث فيهم سمومه المغطاة بالعسل فتقوم هذه العصابات التي لديها ارتباطات بقياداتها باعمال ارهابية و يسمونها بالجهاد المقدس او الامر بالمعروف و النهي عن المنكر او عناوين اخرى.
و نرى نتيجة التحقيقات الاخيرة حول حادثة اغتيال الزعيم الاصلاحي الايراني سعيد حجاريان ان القتلة مجموعة من الشباب الملتزمين بالشعائر الاسلامية كالصلاة و الصيام و قراءة القرآن، قاموا باغتيال حجاريان لانه عقبة و لان وجوده خطر على الاسلام و على النظام الاسلامي و مادام وجوده يشكل خطرا على دين الله و على الثورة الاسلامية و على دماء الشهداء فيجب قتله و ازاحته عن طريق الخط الاسلامي الملتزم حسب مفاهيمهم الخاصة و معتقداتهم الباطلة لتخلو الساحة الاسلامية و المجتمع الديني من امثال حجاريان.
و هذه الظاهرة موجودة في كثير من البلدان الاسلامية و انا اخشى من انتشارها في بلدنا الآمن المسالم بلد الحرية و الديمو قراطية الكويت الغالية فينحصر طريق علاج هذه المشكلة بالجزم و الجدية و الوقوف امام الارهابيين و عدم التنازل و المساومة و المضي قدما في طريق اصلاح هذه الافكار الفاسدة و الا فالمسألة لا تنتهي بهذه السهولة و في جو المساومات و التنازلات.
الثالث: ضغط الحكومات و إرهابهم لشعوبهم فإن الارهاب يولد الارهاب و الضغط يولد الانفجار، ففي البلدان التي يعيش فيها الناس تحت الارهاب و العنف و البطش و الفتك و القتل و الاعدام تكون العمليات المسلحة و الارهابية اكثر و هذا عامل مهم، كذلك اذا كانت الحكومات تستعمل الارهاب العسكري و السياسي و تمنع من وصول الاحزاب الى نيل مقاصدهم المشروعة دو غاياتهم الصحيحة فتتولد حالة من الانتقام و من ثم العمليات الارهابية للمطالبة بحقوقهم كما حصل في الجزائر بعد فوز الاسلاميين في البرلمان و الغاء الحكومة ظلما و جورا نتائج الانتخابات و أدى حرمانهم الى انتشار حالة الفوضى و عدم الاستقرار و القتل و الضرب و الجرح، فنرى كل يوم تقوم جماعات بقتل الابرياء و النساء و الشيوخ بقطع النظر عن تشخيص هوية هؤلاء القتلة. و الخلاصة ان علاج ظاهرة التطرف و العنف و الارهاب لن يتم الا بعد ان ندرس اسبابها و عواملها و من ثم القضاء على جميع هذه الاسباب من خلال التربية الصحية و الواعي اللازم و تثقيف المجتمع بثقافة اسلامية صحيحة واعية و تحذيرهم و ارشادهم و نصحهم للابتعاد عن هذه الظاهرة و افهامهم بان الاسلام يدين الارهاب و يخالف هذه الظاهرة و افهامهم بان الاسلام يدين الارهاب و يخالف هذه العمليات و يشجب و يحرم هذه الامور و ان الشريعة سمحاء و الاسلام قيد القتل و المسلم الحقيقي هو من سلم الناس من يده و لسانه و توجيه الناس توجيها اسلاميا صحيحا و اقامة دورات لتثقيف الامة بالثقافة الاسلامية حول هذه الظاهرة من خلال علماء اكفاء و كذلك من خلال الحوارات و المقابلات التلفزيونية و امثال ذلك و كذلك علي الحكومات ان تلبي مطالب المواطنين المشروعة من خلال القنوات الدستورية و ان تمنح المجتمعات الحرية الكاملة في جميع الحالات في اطار الشرع و القانون و ان تشاركهم في الادارة و المشورة و الا تبعدهم عن الساحة او تعزلهم عن الامة او تضغط عليهم او ترهبهم و تسجنهم او تشردهم و تقتلهم كما نرى هذا الوضع المأساوي و هذا الظلم الفظيع و هذا القتل و التنكيل و الاعدامات الجماعية في العراق، و قد قام النظام العراقي بتجويع شعبه قبل قرار هيئة الامم المتحدة و قتل مراجع المسلمين، كالامام الشهيد السيد محمدباقر الصدر و العلامة عبدالعزيز البدري من كبار علماء السنة و اعمال اجرامية اخرى.
فهذه الامور تسبب ردود افعال عنيفة و القيام بعمليات انتقامية و تفجيرات و قضايا من هذا القبيل وكذلك الوضع في الجزائر و بعض البلدان العربية الاخرى فحينما ترفض هذه الحكومات ان تعطي الحرية للمواطنين و ترفض ان تنشا مؤسسات دستورية و تسجن الشرفاء و الاحرار و ترهب الناس و ترعبهم و تخلق جوا ارهابيا من الطبيعي ان تحدث هذه الظاهرة الخطيرة و يقوم الناس بالعمليات و استعمال العنف للحصول على مطالبهم، فإذا أردنا ان نستاصل جذور الارهاب و نقضي على هذه العمليات فعلى الحكومات التسامح و اعطاء كل ذي حق حقه و فسح المجال للمواطنين بابداء آرائهم و نظرياتهم و عدم حرمان الناس من حقوقهم المشروعة و انشاء مجالس ديمو قراطية و مؤسسات دستورية ولا تقابل الناس بالقوة و السجن و القتل.
أسأل الله سبحانه و تعالى أن يجعل بلدنا بلداً آمنا من كل سوء و مكروه و ان يحفظه من أيدي العابثين بامننا، و اسأله أن يرحم شهداءنا الابرار ويفك قيد أسرانا بحق محمد و آله الطيبين الطاهرين. امين يا رب العالمين.