من الواضح جدا على الساحة الدولية بروز مشكلات التطرف والارهاب كطابع مميز ومؤثر في مجريات الامور فيها ..وهذا يعد من الامور المهمة والخطرة في مختلف المجالات والتي تهدد الامن والسلام العالميين .. خصوصا في منطقة الشرق الاوسط والتي افرزت تدهورا واضطرابا سياسيا من خلال اعمال العنف والتعصب فيها .. لهذا فانه لابد من توضيح وتحديد بعض المصطلحات وتمييزها للوقوف بشكل اكيد على مسبباتها وايجاد الطرق الكفيلة والناجعة في المعالجات الفورية والمتانية لها .. ومن المعلوم ان هناك فرقا بين الانغلاق لرأي أو فكرة معينة وعدم الاعتراف او احترام الراي الاخر وبين التطرف والتعصب والمغالاة في الاراء والمواقف .. والارهاب قد يمارس من فرد او جماعة او قد يمارس من قبل الدولة وهذا مانسميه ب(ارهاب الدولة ) وللوقوف على المعنى الشمولي لتلك المصطلحات علينا تبيان الخصائص والمشتركات فيها والمفـردات العامة لها .
التعصب : (Fanaticism )
ويمكن اعتباره النواة الاولى للارهاب مرورا بمراحل اخرى اكثر تعقيدا ومن الناحية اللغوية فأنه يعني عدم قبول الحق برغم وضوح الدليل بناءا على ميل شديد الى جهة معينة او جماعة او مذهب او فكر سياسي او طائفة وهو من العصبية بمعنى الارتباط الكلي بتلك المسميات والجد الكامل والقوي على نصرتها والتمسك الاعمى بمبادئها ويطلق على الشخص من هذا النوع بالمتعصب (Fanatical ) وهذا من السلوك الخطر الذي يؤدي الى التطرف والهلاك كانحدار لابد منه نتيجة التشدد وعدم الانفتاح وعدم التعامل بمبدا الحوار المتسامح .. واشد اشكال التعصب خطرا هو التعصب القومي والديني .. ولايمكن لاحد ان يتصور وجود مجتمع انساني مستبقر امن يعيش الناس فيه بسلام وامان مع وجود هذا النوع من السلوك المتعصب الذي يرفض الحق ويصادر اراء الاخرين وعدم احترام المقابل كائن من يكون .
التطرف : (Extreme )
وهو المرحلة الثانية الاشد خطورة بعد التعصب والخطوة التالية القريبة في سلم الصعود نحو هاوية الارهاب ويعني الشدة والافراط في القول والموقف وهو اقصى الاتجاهات او النهاية والطرف البعيد جدا بمعنى اخر فهو الحد الاقصى .. والتطرف هو الغلو المبالغ به ولغويا فانه الامر الذي يتجاوز حدود المعقول واللامعقول في الطرح والافعال .. وهو موجود في الكثير من دول العالم وناتج عن الانفعال وحين يقترن التطرف بالعنف والاعمال العدائية الاجرامية التي تهدد استقرار الناس وامنهم يصبح في نطاق الاعمال الارهابية .. واكثر شمولا فان التطرف هو المغالاة الحادة في المذهب والدين والسياسة والفكر وهو اسلوب مدمر وطير في حياة الفرد والجماعة ولابد من مقاومته من خلال تفعيل الدور القانوني وبطرق واشكال متعددة مهما كان الطرف الذي يمارسه .
الارهاب : ( Terrorism )
لغويا فان الارهاب من الرهبة أي الخوف او بمعنى التخويف واشاعة عدم الاطمئنان وبث الرعب والفزع والهدف منه خلق عدم استقرار لتحقيق غايات واهداف معينة والارهاب هو العنف المخيف المرعب الذي يستخدم ضد الانسان وضد حقوقه الاساسية في الحياة .. والنظريات الدكتاتورية التي تعني اضطهادالبشر وسء استخدام السلطة وممارسة العنف ومنها ماأقترن بالارهاب مثل الفاشية التي نشأت في ايطاليا وارتبطت باسم (موسوليني) والنازية في المانيا كحركة عنصرية ارتبطت باسم (هتلر) وحيث لاتزال هده الجماعات تمارس اعمال ارهابية في اوربا وتثير الخوف والفزع وتهدد الامن العام من خلال الاعمال الاجرامية كالتفجيرات والقتل والسرقة والتهديد لتنفيذ اهداف عنصرية .
هذا من حيث توضيح المفهوم العام للمراحل الثلاث التي تؤدي بالمجتمعات الى عدم الاستقرار في جميع النواحي وبالتالي الى الهلاك الفردي والجماعي الذي يطال حتى الاشخاص او الجماعات العاملة او الداعمة لهذه السلوكيات الخطرة والشائنة .
لقد انتشرت بعض الافكار العنصرية في العديد من دول العالم بعد الحرب العالمية الثانية وانتقلت ايضا الى الاحزاب والحركات القومية العربية والى قسم من الاشخاص العرب اللذين طرحوا فكرة علوية الاصل او العنصر العربي على جميع الاصول والاجناس الاخرى .. بل ان هذه الفكرة دفعت بالكثير من الحكام العرب في الانظمة الذكتاتورية الى نشرها تحت طائلة الترغيب والترهيب وباستعمال القوة والحروب والتمجيد بانتصارات وهمية زائفة من الماضي ومحاولة تفسيرها بما يخدم الفكرة المذكورة وبالتالي ممارسة ارهاب الدولة ضد المواطنين واضطها القوميات الاخرى خلافا لمواثيق والاعراف الدوليةولقيم السماء والانسانية كما هو الحال في العراق منذ سنة 1968 الذي واجه الكثير من الظلم والاضطهاد وارهاب الدولة كما وجدناها موثقة في العديد من النشرات والتقارير الصادرة عن منظمة العفو الدولية والمتمثلة بانتهاكات فظيعة لحقوق الانسان العراقي واخص منها الوثيقة الصادرة عام 1999 تحــــت عنوان (( العراق ضحايا القمع المنظم )).
وهنا لابد من القول ان مغهوم الارهاب نسبي متطور يختلف من مكان لاخر ومن شخص لغيره ومن عقيدة او فكرة لغيرها وحسب المتغيرات الظرفية والمكانية على الرغم من وجود قواسم مشتركة ولهذا فمن الصعب جدا ان نعتقد بوجود مفهوم محدد للارهاب او للجريمة السياسية يقبل به الجميع او ينال الرضا التام .. وهو اما محلي (داخلي) او دولي كما حصل في افريقيا من خلال تفجير السفارتين الامريكيتين التي راح ضحيتها المئات من الابرياء وفي الجزائر وافغانستان والسودان والعراق وتركيا وكوسوفو والشيشان وروسيا وايا كان الارهاب فهو جريمة متعمدة وخطيرة لان فاعلها مجرم عادل لايتمتع باي حصانة وان جرائم الارهاب والتطهير العرقي التي ترتكب من قبل الدولة او الجماعات والافراد هي من الجرائم الارهابية لانها تثير الخوف والفزع والرعب في النفس البشرية وهي مخالفة واضحة وصريحة لحقوق الانسان .. وجرائم الارهاب يمكن تحديدها بضرب المدنيين الابرياء والاهداف المدنية وحرق القرى ومصادر الرزق العام والخدمات واماكن العبادة المختلفة وهي ايضا جرائم دولية لاتسقط بسبب التقادم الزمني ..
ومن خلال ما طرحناه يمكن استنتاج العوامل والاسباب التي تؤدي الى مثل هذه السلوكيات الخطرة في المجتمعات وهي :
1- الجهل بين الافراد والجماعات وحتى قيادة الدولة التي تمارس ارهاب الدولة .
2- الفقر والبطالة التي يعاني منها الناس واحيانا التعمد من قبل الدولة في خلق هذه الحالة بهدف ابادة الجنس البشري للتخلص من عرق او جماعة معينة غير موالية للنظام السياسي القائم .
3- الظلم والعدوان واستعمال القسوة ضد البشر وخصوصا في الانظمة الدكتاتورية التي تصادر حقوق الانسان الاساسية 0.
4- مطلب تحقيق المصير الذي يواجه دائما الرفض من قبل الانظمة السياسية المنغلقة .
5- فقدان النظام المؤسساتي في اساليب الحكم وغياب الطابع المدني .
وكذلك فان طرق المعالجة والمكافحة للتعصب والتطرف والارهاب تكمن في كل ماهو نقيض الفقرات الخمسة انفا يضاف اليها ضرورة وجود تعاون مجتمعي دولي واقامة اسس الحكم الديمقراطي وحكم الاغلبية من خلال مؤسسات دستورية وقياك دولة القانون اضافة الى احترام حقوق الانسان الاساسية وحمايتها وضمانتها .. واشاعة حرية التفكير والوقوف ضد سياسية التمييز الطائفي وضرورة ايجاد قواعد للتداول السلمي للسلطة وفقا للدستور وطبقا للالتزامات الدولية .