إن الإنسان ليس آلة معدنية ولكنه روح وجسم وعقل ووجدان فليس مادة فقط فما بال الإنسان يندفع فى طريق المادة وينسى نفسه وعقله ووجدانيته وإنسانيته ولذلك وجدنا العلماء والأدباء يدعوننا بكل إهتمام إلى العودة إلى أحضان الطبيعة الساحرة بجمالها , ليجدوا فى جمال الطبيعة عونا لنفوسهم ونشاطا لعقولهم وزادا لخيالهم , فما أجمل التنزه فى الحدائق الغناء والأشجار الخضراء والأزهار المتفتحة والأنهار الجارية والطيور المغردة والروائح الزكية المعطرة فالطبيعة ساحرة جميلة خاصة فى فصل الربيع مليئة بألاء الله وخيراته وصدق شوقى إذ يقول :
تلك الطبيعة قف بنا يا ســــارى *** حتى نريك بديع صنع البارى
الأرض حولك والسماء اهتـزت *** لروائـــــع الآيــــــات والآثـار
فلابد من المحافظة على هذه النعمة من التلوث والعبث ومصادر تلوث البيئة مثل : القمامة والأقذار التى تلقى بها يد الإنسان فى كل مكان , وكذلك نفايات المصانع التى تلقى بها فى الأنهار والمياه دون محاسب فتفنى الأسماك والكائنات , والمبيدات الحشرية التى تلوث الزروع والاشعاعات الذرية التى تنبعث من التجارب النووية , وفى فصل الربيع تزداد الخضرة والبسمة والجمال فينطلق الانسان إلى التمتع بمظاهر الخير والنماء والجمال وهو فرح مسرور , ويقضى الأيام الطويلة فى أحضان البيئة الجميلة , فيصبح قادرا على العمل والنشاط وبذل الجهد فكل ما فى الربيع جمال يكاد أن يتكلم .
قال البحترى : أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا *** من الحسن حتى كاد أن يتكلما
وقد نبه الفيروز فى غسق الدجى *** أوائل ورد كن بالأمس نـــــوم
فما أجمل الطبيعة فى فصل الربيع , تخضر الأشجار وتورق الثمار وتتلون الأزهار فتخرج الطيور من أعشاشها وتملأ الجو غناء وتغريداً ويستيقظ النائمون من فراشهم ليسبحوا الله ويؤدوا الصلاة ويتأملوا بديع صنع البارى فى فصل الربيع .
وأخيراً نقف مع وصف شاعرنا العظيم ( أبو تمام ) للربيع فماذا يقول :
يا صاحبى تقصيا نظريكمـــــــــا تريا وجوه الأرض كيف تصور
دنيا معاش للـــــــــورى حـتى إذا جلى الربيـــــــع فإنما هى منظر
أضحت تصوغ بطونها لظهورها نورا تكاد له القلـــــــــوب تنور
فيطلب الشاعر من صاحبيه وكل الناس أن يتأملوا فى الطبيعة فى فصل الربيع وكيف تتغير الأرض وتكتسى بالخضرة والجمال , فالدنيا فى فصول العام الثلاثة عمل ومعاش واجتهاد حتى إذا جاء الربيع توقف الجميع وأخذوا ينظرون ويتأملون الكون فى الربيع ونحمد الله على هذه النعمة