معلقة ( امرؤ القيس )
لان العرب من عادتهم إجراء خطاب الاثنين على الواحد والجمع ، فمن ذلك قول الشاعر: فإن تزجراني يا ابن عفان أنزجر، وأن ترعياني أحمِ عِرضاً ممنّعاً خاطب الواحد خطاب الاثنين ، وإنما فعلت العرب ذلك لان أدنى أعوان الرجل هم اثنان : راعي إبله وراعي غنمه ، وكذلك الرفقة أدنى ما تكون ثلاثة ، فجرى خطاب الاثنين على الواحد لمرور ألسنتهم عليه ، ويجوز أن يكون المراد به : قف قف ، فإلحاق الألف إشارة الى أن المراد تكرير اللفظ كما قال أبو عثمات المازني في قوله تعالى : "قال رب أرجعون " المراد منه أرجعني أرجعني ، جعلت الواو علما مشعرا بأن المعنى تكرير اللفظ مرارا ، وقيل : أراد قفن على جهة التأكيد ، فقلب النون ألفا في حال الوصل ، لأن هذه النون تقلب ألفا في حال الوقف ، فحمل الوصل على الوقف ، ألا ترى أنك لو وقفت على قوله تعالى : "لنسفعن" قلت : لنسفعا . ومنه قول الأعشى: وصلِّ على حين العشيّات والضحى ولا تحمد المثرين واللهَ فاحمدا = أراد فاحمدَن ، فقلب نون التأكيد ألفا ، يقال يكى يبكي بكاء وبكى ، ممدودا ومقصورا ، أنشد ابن الأنباري لحسان بن ثابت شاهدا له: بكت عيني وحق لها بكاها، وما يعني البكاء ولا العويل فجمع بين اللغتين ، السقط : منقطع الرمل حيث يستدق من طرفه ، والسقط أيضا ما يتطاير من النار ، والسقط أيضا المولود لغير تمام ، وفيه ثلاث لغات : سَقط وسِقط وسُقط في هذه المعاني الثلاثة ، اللوى:رمل يعود ويلتوي ، الدخول وحومل: موضعان . يقول : قفا وأسعداني وأعيناني ، أو : قف وأسعدني على البكاء عند تذكري حبيباً فارقته ومنزلا خرجت منه ، وذلك المنزل أو ذلك الحبيب أو ذلك بمنقطع الرمل المعوج بين هذين الموضعين 1
توضح والمقراة موضعان ، وسقط بين هذه المواضع الأربعة ، لم يعف رسمها ، أي لم ينمح أثرها ، الرسم: ما لصق بالارض من آثار الدار مثل البقر و الرماد وغيرهما ، والجمع أرسم ورسوم ، وشمال ، فيها ست لغات : شمال وشمال وشأمل وشمول وشَمْل و شَمَل ، نسج الريحين: اختلافهما عليها وستر إحداهما إياها بالتراب وكشف الاخرى التراب عنها . وقيل : بل معناه لم يقتصر سبب محوها على نسج الريحين بل كان له أسباب منها هذا السبب ، ومر السنين ، وترادف الامطار وغيرها . وقيل : بل معناه لم يعف رسم حبها في قلبي وإن نسجتها الريحان . والمعنيان الاولان أظهر من الثالث ، وقد ذكرها كلها ابن الانبارى 2
الآرآم : الظباء البيض الخالصة البياض ، وأحداهما رئم ، بالكسر ، وهي تسكن الرمل ، ***ات (في المصباح) ***ة الدار : ساحتها ، وهي البقعة الواسعة التي ليس فيها بناء ، والجمع عراص مثل كلبة الكلاب ، و***ات مثل سجدة وسجدات ،وعن الثعالبي : كل بقعة ليس فيها بناء فهي ***ة ، و(في التهذيب) : سميت ساحة الدار ***ة لأن الصبيان ي***ون فيها أي يلعبون ويمرحون ؛ قيعان : جمع قاع وهو المستوي من الأرض ، وقيعة مثل القاع ، وبعضهم يقول هو جمع ، وقاعة الدار : ساحتها ، الفلفل قال في القاموس : كهدهد وزبرج ، حب هندي . ونسب الصاغاني الكسر للعامة : و(في المصباح) ، الفلفل: بضم الفاءين ، من الأبرار ، قالوا : لايجوز فيه الكسر . يقول الشاعر : انظر بعينيك تر ديار الحبيبة التي كانت مأهولة بأهلها مأنوسة بهم خصبة الأرض كيف غادرها أهلها وأقفرت من بعدهم أرضها وسكنت رملها الظباء ونثرت في ساحتها بعرها حتى تراه كأنه حب الفلفل . في مستوى رحباتها 3
غداة : (في المصباح) ، الغداة : الضحوة ، وهي مؤنثة ، قال ابن الأنباري . ولم يسمع تذكيرها ، ولو حملها حامل على معنى أول النهار جاز له التذكير ، والجمع غدوات ، البين : الفرقة ، وهو المراد هنا ، وفي القاموس : البين يكون فرقة ووصلا ، قال الشارح : بأن يبين بينا وبينونة ، وهو من الأضداد ، اليوم : معروف ، مقدارة من طلوع الشمس إلى غروبها ، وقد يراد باليوم والوقت مطلقا ، ومنه الحديث : "تلك أيام الهرج" أي وقته ، ولا يختص بالنهار دون الليل ، تحملوا واحتملوا : بمعنى : ارتحلوا ، لدي : بمعنى عند ، سمرات ، بضم الميم : من شجر الطلح ، الحي: القبيلة من الأعراب ، والجمع أحياء ، نقف الحنظل : شقة عن الهبيد ، وهو الحب ، كالإنقاف والانتفاف ، وهو ، أي الحنظل ، نقيف ومنقوف ، وناقفة وهو الذي يشقه . والشاعر يقول : كأني عند سمرات الحي يوم رحيلهم ناقف حنظل ، يريد ، وقفت بعد رحيلهم في حيرة وقفة جاني الحنظلة ينقفها بظفره ليستخرج منها حبها 4
نصب وقوفا على الحال ، يريد ، قفا نبك في حال وقف أصحابي مطيتهم علي ، والوقوف جمع واقف بمنزلة الشهود والركوع في جمع شاهد وراكع ، الصحب : جمع صاحب ، ويجمع الصاحب على الأصحاب والصحب والصحاب والصحابة والصحبة والصحبان ، ثم يجمع الأصحاب على الأصاحيب أيضا ، ثم يخفف فيقال الأصاحب ، المطي : المراكب ، واحدتها مطية ، وتجمع المطية على المطايا والمطي والمطيات ، سميت مطية لأنه يركب مطاها أي ظهرها ، وقيل : بل هي مشتقة من المطو وهو المد في السير ، يقال : مطاه يمطوه ، فسميت الرواحل به لانها تمد في السير ، نصب الشاعر أسى على أنها مفعول له. يقول : لقد وقفوا علي ، أي لاجلي أو على رأسي وأنا قاعد ، رواحلهم ومراكبهم ، يقول لي : لا تهلك من فرط الحزن وشدة الجزع وتجمل بالصبر . وتلخيص المعنى : انهم وقفوا عليه رواحلهم يأمرونه بالصبر وينهونه عن الجزع 5
المهراق والمراق: المصبوب ، وقد أرقت الماء وهرقته وأهرقته أي صببته ، المعول : المبكى ، وقد أعول الرجل وعول إذا بكى رافعا صوته به ، والمعول : المعتمد والمتكل عليه أيضا ، العبرة : الدمع ، وجمعها عبرات ، وحكى ثعلب في جمعها العبر مثل بدرة وبدر. يقول : وإن برئي من دائي ومما أصابنى وتخلصي مما دهمني يكون بدمع أصبه ، ثم قال : وهل من معتمد ومفزع عند رسم قدر درس ، أو هل موضع بكاء عند رسم دارس ؟ وهذا استفهام يتضمن معنى الإنكار ، والمعنى عند التحقيق : ولا طائل في البكاء في هذا الموضع ، لأنه لا يرد حبيبا ولا يجدى على صاحبه خيراً، أو لا أحد يعول عليه ويفزع إليه في هذا الموضع . وتلخيص المعنى : وإن مخلصي مما بي هو بكائي . ثم قال : ولا ينفع البكاء عند رسم دارس 6
الدأب والدأب ، بتسكين الهمزة وفتحها : العادة ، وأصلها متابعة العمل والجد في السعي ، يقال : دأب يدأب دأبا ودئابا ودؤوبا ، وأدأبت السير : تابعته ، مأسل ، بفتح السين: جبل بعينه ، ومأسل ، بكسر السين : ماء بعينه ، والرواية فتح السين. يقول عادتك في حب هذه كعادتك من تينك ، أي قلة حظك من وصال هذه ومعاناتك الوجد بها كقلة حظك من وصالها ومعاناتك الوجد بهما ، قبلها أي قبل هذه التي شغفت بها الآن 7
ضاع الطيب وتضوع ؛ انتشرت رائحته ، الريا : الرائحة الطيبة. يقول : إذا قامت أم الحويرث وأم الرباب فاحب ريح المسك منهما كنسيم الصبا إذا جاءت بعرف القرنفل ونشره . شبه طيب رياهما بطيب نسيم هب على قرنفل وأتى برياه ، ثم لما وصفهما بالجمال وطيب النشر وصف حاله بعد بعدهما 8
الصبابة ، رقة الشوق ،وقد صب الرجل يصب صبابة فهو صب ، والأصل صبب فسكنت العين وأدغمت في اللام ، والمحمل : حمالة السيف، والجمع المحامل ،والحمائل جمع الحمالة . يقول : فسالت دموع عيني من فرط وجدي بهما وشدة حنيني إليهما حتى بل دمعي حمالة سيفي . نصب صبابة على أنه مفعول له كقولك : زرتك طمعا في برك ، قال الله تعالى : " من الصواعق حذر الموت " ، أي لحذر الموت ، وكذلك زرتك للطمع في برك ، وفاضت دموع العين مني للصبابة 9
في رب لغات : وهي ، رُبْ ورُبَ ورُبُ ورَبَ ، ثم تلحق التاء فتقول : ربة وربت ، ورب : موضوع في كلام العرب للتقليل ، وكم : موضوع للتكثير ، ثم ربما حملت رب على كم في المعني فيراد بها التكثير ، وربما حملت كم على رب في المعني فيراد بها التقليل . ويروى ؛ ألا رب "يوم" كان منهن صالح ، والسي : المثل ، يقال : هما سيان أم مثلان . ويجوز في يوم الرفع والجر ، فمن رفع جعل ما موصولة بمعني الذي ، والتقدير : ولا سيّ اليوم الذي هو بدارة جلجل ، ومن خفض جعل ما زائدة وخفضه بإضافة سي إليه فكأنه قال : ولا سي يومأي ولا مثل يوم دارة جلجل ، وهو غدير بعينه . يقول : رب يوم فزت فيه بوصال النساء وظفرت بعيش صالح ناعم منهن ولا يوم من تلك الأيام مثل يوم دارة جلجل ، يريد أن ذلك اليوم كان أحسن الأيام وأتمها ، فأفادت ولا سيما التفضيل والتخصيص 10
العذراء من النساء : البكر التي لم تفتض ، والجمع العذارى ، الكور : الرحل بأداته ، والجمع الأكوار والكيران ، ويروى : من رحلها ، المتحمل : الحمل . فتح يوم بسبب من كونه معطوفا على مجرور أو مرفوع وهو يوم أو يوم بدارة جلجل ، لأنه بناه على الفتح لما أضافه إلى مبني وهو الفعل الماضي ، وذلك قوله : عقرت . وقد يبنى المعرب إذا أضيف إلى مبني ، ومنه قوله تعالى:"إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون" ، فبنى مثل على الفتح مع كونه نعتا لمرفوع لما أضافه إلى ما وكانت مبنية ، ومنه قراءة من قرأ :"ومن خزي يومئذ" ، بنى يوم على الفتح لما أضافه إلى إذ وهي مبنية وإن كان مضافا إليه ، ومثله قول النابغة الذبياني: على حين عاتبت المشيب على الصبا فقلت ألما تصح والشيب وازع بنى حين على الفتح لما أضافه إلى الفعل الماضي ، وقد فضل الشاعر يوم دارة جلجل ، ويم عقر مطيته للابكار على سائر الأيام الصالحة التي فاز بها من حبائبه ، ثم تعجب من حملهن رحل مطيته وأداته بعد عقرها واقتسامهن متاعه بعد ذلك ، فيا عجبا : الألف فيه بدل من ياء الإضافة ، وكان الأصل هو فيا عجبي ، وياء الإضافة يجوز قلبها ألفا في النداء نحو يا غلاما في يا غلامي ، فإن قيل : كيف نادى العجب وليس مما يعقل ؟ قيل قي جوابه: إن المنادى محذوف ، والتقدير : ياهؤلاء ، أو يا قوم ، اشهدوا عجبي من كورها المتحمل ، فتعجبوا منه ، فانه قد جاوز المدى والغاية القصوى ، وقيل : بل نادى العجب اتساعا ومجازا ، فكأنه قال : ياعجبي تعال واحضر فإن هذا أوان إتيانك وحضورك 11
يقال : ظل زيد قائما إذا أتى عليه النهار وهو قائم ، وبات زيد نائما إذا أتى عليه الليل وهو نائم ، وطفق زيد يقرأ القرآن إذا أخذ فيه ليلا ونهارا ، الهداب والهدب : اسمان لما استرسل من الشيء نحو ما استرسل من الأشفار ومن الشعر ومن أطراف الأثواب ، الواحد هدابة وهدبة ، ويجمع الهدب على الأهداب ، الدمقس والمدقس: الإبريسم ، وقيل هو الأبيض منه خاصة. يقول : فجعلن يلقي بعضهن إلى بعض شواء المطية استطابة أو توسعا فيه طول نهارهن وشبه لحمها بالإبريسم الذي أجيد ***ه وبولغ فيه ، وقيل هو القز 12
الخدر : والهودج ، والجمع الخدور ، ويستعار للستر والحجلة وغيرهما ، ومنه قولهم : خدرت الجارية وجارية مخدرة أي مقصورة في خدرها لا تبرز منه ، ومن ذلك قولهم : خدر الأسد يخدر خدرا وأخدر إخدارا . إذا لزم عرينه ، ومنه قول ليلى الأخيلية: فتى كان أحيا من فتاة حيية وأشجع من ليث يخفان خادر وقول الشاعر: كالأسد الورد غدا من مخدره والمراد بالخدر في البيت الهودج ، عنيزة : اسم عشيقته وهي إبنة عمه وقيل : هو لقب لها واسمها فاطمة ، وقيل بل اسمها عنيزة ، وفاطمة غيرها ، قوله : فقالت لك الويلات ، أكثر الناس على أن هذا دعاء منها عليه ، والويلات : جمع ويلة ، والويلة والويل: شدة العذاب ، وزعم بعضهم أنه دعاء منها له في معرض الدعاء عليه ، والعرب تفعل ذلك صرفا لعين الكمال عن المدعو عليه . ومنه قولهم : قاتلة الله ما أفصحه ! ومنه قول جميل : رمى الله في عيني بثينة بالقذى وفي الغر من أنيابها بالقوادح ، ويقال : رجل الرجل يرجل رجلا فهو راجل ، وأرجلته أنا صيرته راجلا ، خدر عنيزة بدل من الخدر الأول والمعنى : ويوم دخلت خدر عنيزة ، وهذا مثل قوله تعالى : "لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات " ومنه قول الشاعر: يا تيم ياتيم عدي لا أبا لكمو لا يلفينكمو في سوأة عمر وصرف عنيزة لضرورة الشعر وهي لا تنصرف ، للتأنيث والتعريف. يقول: ويوم دخلت هودج عنيزة فدعت علي أو دعت لي في معرض الدعاء علي ، وقالت إنك تصيرني راجلة لعقرك ظهر بعيري ، يريد أن هذا اليوم كان من محاسن الأيام الصالحة التي نالها منهن أيضا 13
الغبيط : ضرب من الرحال ، وقيل بل ضرب من الهوادج ، الباء في قوله : بنا للتعدية وقد أمالنا الغبيط جميعا ، عقرت بعيري: أدبرت ظهره ، من قولهم : كلب عقور ، ولا يقال في ذي الروح إلا عقور. يقول : كانت هذه المرأة تقول لي في حال إمالة الهودج أو الرحل إبانا : قد أدبرت ظهر بعيرى فأنزل عن البعير 14
جعل العشيقة بمنزلة الشجرة ، وجعل ما نال من عناقها وتقبيلها وشمها بمنزلة الثمرة ليتناسب الكلام ، المعلل : المكرر ، من قولهم : عله يعله إذا كرر سقيه ، وعلله للتكثير والتكرير . والمعلل : الملهى ، من قولك : عللت الصبي بفاكهة أي ألهيته بها : وقد روي اللفظ في البيت بكسر اللام وفتحها ، والمعنى على ما ذكرنا يقول : فقلت للعشيقة بعد أمرها إياي بالنزول : سيري وأرخي زمام البعير ولا تبعديني مما أنال من عناقك وشمك وتقبيلك الذي يلهيني أو الذي أكرره . ويقال لمن على الدابة سار يسير ، كما يقال للماشي كذلك قال: سيري وهي راكبة ، الجنى : اسم لما يجتنى من الشجر ، والجنى المصدر ، يقال : جنيت الثمرة واجتنيتها 15
خفض فمثلك بإضمار رب ، أراد فرب امرأة حبلى . الطروق : الإتيان ليلا ، والفعل طرف يطرق ، المرضع : التي لها ولد رضيع ، إذا بنيت على الفعل أنثت فقيل : أرضعت فهي مرضعة ، وإذا حملوها على انها بمعنى ذات إرضاع أو ذات رضيع لم تلحقها تاء التأنيث ، ومثلها حائض وطالق وحامل ، لا فصل بين هذه الأسماء فيما ذكرنا ، وإذا حملت على انها من المنسوبات لم تلحقها علامة التأنيث ، وإذا حملت على الفعل لحقتها علامة التأنيث ، ومعنى المنسوب في هذا الباب ان يكون الاسم بمعنى ذي كذا أو ذات كذا ، والاسم إذا كان من هذا القبيل عرته العرب من علامة التأنيث كما قالوا : امرأة لابن أي ذات لبن وذات تمر ، ورجل لابن تامر أي ذو لبن وذو تمر ، ومنه قوله تعالى :"السماء منفطر بها" نص الخليل على أن المعنى : السماء ذات انفطار به ، لذلك تجرد لفظ منفطر عن علامة التأنيث . وقوله تعالى :"لا فارض ولا بكر عوان" أي لا ذات فرض ، وتقول العرب : جمل ضامر وناقة ضامر ، وجمل شائل وناقة شائل ، ومنه قول الأعشى: عهدى بها في الحي قد سربلت بيضاء مثل المهرة الضامر أي ذات لبن وذات تمر ، وقول الآخر: وغررتني وزعمت أنك لابن في الصيف تامر أي ذات لبن وذات تمر ، وقول الآخر: رابعتني تحت ليل ضارب بساعد فعم وكف خاضب أي ذات خضاب ، وقال أيضا: ياليت أم العمر كانت صاحبي مكان من أمسى على الركائب أي ذات صبحتي ، وأنشد النحويون: وقد تخذت رحلي لدى جنب غرزها نسيفا كأفحوص القطاة المطرق أي ذات التطريق . والمعول في هذا الباب على السماع إذ هو غير منقاد للقياس ، لهيت عن الشيء ألهى عنه لهيا إذا شغلت عنه وسلوت ، وألهيته إلهاء إذا شغلته ، التميمة : العوذة ، والجمع التمائم ، يقال : احول الصبي إذا تم له حول فهو محول ، ويروى : عن ذي تمائم مغيل ، يقال : غالت المرأة ولدها تغيل غيلا وأغالت تغيل إغيالا إذا أرضته وهي حبلى ويروى : ومرضع بالعطف على حبل . ويروى: ومرضعا على تقدير طرقتها ، ومرضعا تكون معطوفة على ضمير المفعول يقول : فرب امرأة حبلى قد أتيتها ليلا ، ورب امرأة ذات رضيع أتيتها ليلا فشغلتها عن ولدها الذي علقت عليه العوذة وقد أتى عليه حول كامل أو قد حبلت أمه بغيره فهي ترضعه على حبلها ، وإنما خص الحبلى والمرضع لانهما أزهد النساء في الرجال وأقلهن شغفا بهم وحرصا عليهم ، فقال : خدعت مثلهما مع اشتغالهما بأنفسهما فكيف تتخلصين مني ؟ قوله : فمثلك ، يريد به فرب امرأة مثل عنيزة في ميله إليها وحبه لها ، لان عنيزة في هذا الوقت كانت عذراء غير حبلى ولا مرضع 16
شق الشيء: نصفه . يقول . إذا ما بكى الصبي من خلف المرضع انصرفت إليه بنصفها الاعلى فأرضعته وأرضته بينما بقي تحتي نصفها الاسفل لم تحوله عني ، وبذلك وصف غاية ميلها إليه وكلفها به حيث لم يشغلها عن مرامه ما يشغل الامهات عن كل شيء 17
الكثيب : رمل كثير ، والجمع أكثبه وكثب وكثبان، التعذر: التشدد والالتواء ، والإيلاء والائتلاء والتألي: الحلف ، يقال : آلى وتألى إذا حلف ، واسم اليمين الالية والالوة معا ، والحلف المصدر ، والحلف بكسر اللام ، الاسم ، الحلفه : المرة . التحلل في اليمين : الاستثناء . نصب حلفه لأنها حلت محل الإيلاء كأنه قال : وآلت إبلاء ، والفعل يعمل فيما وافق مصدره في المعنى كعمله في مصدره نحو قولهم : إني لأشنؤه بغضا وإني لأبغضه كراهية . يقول : وقد تشددت العشيقة والتوت وساءت عشرتها يوما على ظهر الكثيب المعروف وحلفت حلفا لم تستثن فيه أنها تصارمني وتهاجرني ، هذا ويحتمل أن يكون صفة حال اتفقت له مع عنيزة ، ويحتمل أنها مع المرضع التي وصفها 18
مهلا :أي رفقا ، الإدلال والتدليل : أن يثق الإنسان بحب غيره إياه فيؤذيه على حسب ثقته به ، والاسم الدل والدال والدلال ، أزمعت الأمر وأزمعت عليه : وطنت نفسي عليه يقول : يافاطمة دعي بعض دلالك وإن كنت وطنت نفسك على فراقي فأجملي الهجران . نصب بعض لأن مهلا ينوب مناب دع ، الصرم : المصدر ، يقال : صرمت الرجل أصرمه صرما إذا قطعت كلامه ، والصرم هو الاسم ، فاطمه : اسم المرضع واسم عنيزة ، عنيزة لقب لها فيما قيل 19
يقول : قد غرك مني كون حبك قاتلي وكون قلبي منقادا لك بحيث مهما أمرته بشيء فعله . وألف الاستفهام دخلت على هذا القول للتقرير لا للاستفهام والاستخبار ، ومنه قول جرير: ألستم خير من ركب المطايا وأندى العالمين بطون راح يريد أنهم خير هؤلاء ، وقيل : بل معناه قد غرك مني أنك علمت أن حبك مذللي ، وال*** التذليل ، وأنك تملكين قؤادك فمهما أمرت بقلبك بشيء أسرع إلى مرادك فتحسبين أني أملك عنان قلبي كما ملكت عنان قلبك حتى سهل علي فراقك كما سهل عليك فراقي ، ومن الناس من حمله على مقتضى الظاهر وقال : عنى البيت: أتوهمت وحسبت أن حبك ي***ني أو أنك مهما أمرت قلبي بشيء فعله ؟ قال : يريد أن الأمر ليس على ما خيل إليك فإني مالك زمام قلبي ، والوجه الأمثل هو الوجه الأول وهذا القول أرذل الأقوال لأن مثل هذا الكلام لا يستحسن في النسيب 20
من الناس من جعل الثياب في هذا البيت بمعنى القلب ، كما حملت الثياب على القلب في قول عنتره : فشككت بالرمح الأصم ثيابه ليس الكريم على القنا بمحرم وقد حملت الثياب في قوله تعالى:"وثيابك فطهر" على أن المراد به القلب ، فالمعنى على هذا القول : إن ساءك خلق من أخلاقي وكرهت خصلة من خصالي فردي علي قلبي أفارقك ، والمعنى على هذا القول : استخرجي قلبي من قلبك يفارقه ، النسول : سقوط الريش والوبر والصوف والشعر ، يقال : نسل ريش الطائر ينسل نسولا ، واسم ما سقط النسيل والنسال ، ومنهم من رواه تنسلي وجعل الانسلاء بمعنى التسلي ، والرواية الأولى أولاهما بالصواب ، ومن الناس من حمل الثياب في البيت على الثياب الملبوسة وقال : كنى بتباين الثياب وتباعدها عن تباعدهما ، وقال : إن ساءك شيء من أخلاقي فاستخرجي ثيابي من ثيابك أي ففارقيني وصارميني كما تحبين ، فإني لا اؤثر إلا ما آثرت ولا اختار إلا ما اخترت ، لانقيادي لك وميلي إليك ، فإذا آثرت فراقي آثرته وإن كان سبب هلاكي 21
ذرف الدمع يذرف ذريفا وذرفانا وتذرافا إذا سال ، ثم يقال ذرفت كما يقال دمعت عينه ، وللأئمة في البيت قولان ، قال الأكثرون : استعار للحظ عينيها ودمعهما اسم السهم لتأثيرهما في القلوب وجرحهما إياها كما ان السهام تجرح الأجسام وتؤثر فيها ، الأعشار من قولهم : برمة أعشار إذا كانت قطعا ، ولا واحد لها من لفظها ، الم*** : المذلل غاية التذليل ، وال*** في الكلام التذليل ، ومنه قولهم : ***ت الشراب إذ فللت غرب سورته بالمزاج ، ومنه قول الأخطل : فقلت ا***وها عنكم بمزاجها وحب بها مقتولة حين ت*** وقال حسان: إن التي ناولتني فرددتها ***ت ***ت فهاتها لم ت*** ومنه : ***ت أرض جاهلها و*** ارضا عالمها ، ومنه قوله تعالى : "وما ***وه يقينا" عند أكثر الأئمة : أي ما ذللوا قولهم بالعلم اليقين . وتلخيص المعنى على هذا القول : وما دمعت عيناك وما بكيت إلا لتصيدي قلبي بسهمي دمع عينيك وتجرحي قطع قلبي الذي ذللته بعشقك غاية التذليل ، أي نكايتها في قلبي نكاية السهم في المرمى ، وقال آخرون : أراد بالسهمين المعلى والرقيب من سهام الميسر والجزور يقسم بهذين القدحين فقد فاز بجميع الاجزاء وظفر بالجزور ، وتلخيص المعنى على هذا القول: وما بكيت إلا لتملكي قلبي كله وتفوزي بجميع أعشاره وتذهبي به ، والأعشار على هذا القول جمع عشر لأن اجزاء الجزور عشرة ، والله أعلم 22
أي ورب بيضة خدر ، يعني ورب امرأة لزمت خدرها ، ثم شبهها بالبيض ، والنساء بشبهن بالبيض من ثلاثة أوجه : أحدهما بالصحة والسلامة عن الطمث ، ومنه قول الفرزدق: خرجن إلي لم يطمئن قبلي وهن أصح من بيض النعام ويروى : دفعن إلي ، ويروى : برزن إلي . والثاني في الصيانة والستر لأن الطائر يصون بيضه ويحضنه . والثالث في صفاء اللون ونقائه لأن البيض يكون صافي اللون نقية إذا كان تحت الطائر . وربما شبهت النساء ببيض النعام ، وأريد أنهن بيض تشوب ألوانهن صفرة يسيرة وكذلك لون بيض النعام ، ومنه قول ذي الرمة : كأنها فضة قد مسها الذهب ، الروم : الطلب ، والفعل منه يروم ، الخباء : البيت إذا كان من قطن أو وبر أو صوف أو شعر ، والجمع الأخبية ، التمتع : الانتفاع وغيره ، يروى بالنصب والجر ، فالجر على صفة لهو والنصب على الحال من التاء في تمتعت يقول : ورب امرأة - كالبيض في سلامتها من الافتضاض أو في الصون والستر أو في صفاء اللون ونقائه أو بياضها المشوب بصفرة يسيرة - ملازمة خدرها غير خراجه ولاجة انتفعت باللهو فيها على تمكث وتلبث لم اعجل عنها ولم أشغل عنها بغيرها 23
الاحراس : يجوز أن يكون جمع حارس بمنزلة صاحب وأصحاب وناصر وأنصار وشاهد واشهاد ، ويجوز أن يكون جمع حارس بمنزلة خادم وخدم وغائب وغيب وطالب وطلب وعابد وعبد ، المعشر: القوم ، والجمع المعاشر ، الحراص: جمع حريص ، مثل ظراف وكرام ولئام في جمع ظريف وكريم ولئيم ، الإسرار :الإظهار والاضمار جميعا . وهو من الأضداد ، ويروى : لو يشرون م***ي ، بالشين المعجمة ، وهو الاظهار لاغير يقول : تجاوزت في ذهابي اليها وزيارتي إياها أهو الا كثيرة وقوما يحرسونها وقوما حراصا على ***ي لو قدروا عليه في خفية لأنهم لا يجترثون على ***ي جهارا ، أو حراصا على ***ي او امكنهم ***ي ظاهرا لينزجر ويرتدع غيري عن مثل صنيعي ، وحمله على الاول أولى لأنه كان ملكا والملوك لا يقدر على ***هم علانية 24
التعرض : الاستقبال ، والتعرض إبداء العرض ، وهو الناحية ، والتعرض الأخذ في الذهاب عرضا، الاثناء : النواحي ، والاثناء الاوساط ، واحدها ثنى مثل عصى وثني مثل معي وثني بوزن فعل مثل نحي ، وكذلك الآناء بمعنى الاوقات والآلاء بمعنى النعم في واحدها ، هذه اللغات الثلاث ، المفصل : الذي فصل بين خرزه بالذهب أو غيره يقول : تجاوزت إليها في وقت إبداء الثريا عرضها في السماء كإبداء الوشاح الذي فصل بين جواهره وخرزه بالذهب أو غيره عرضة يقول : أتيتها عند رؤية نواحي كواكب الثريا في الافق الشرفي ، ثم شبه نواحيها بنواحي جواهر الوشاح ، هذا أحسن الاقوال في تفسير البيت ، ومنهم من قال شبه كواكب الثريا بجواهر الوشاح لان الثريا تأخذ وسط السماء كما أن الوشاح يأخذ وسط المرأة المتوشحة ، ومنهم من زعم إنه أراد الجوزاء فغلط وقال الثريا لان التعرض للجوزاء دون الثريا ، ، وهذا قول محمد بن سلام الجمحي ، وقال بعضهم : تعرض الثريا - هو انها إذا بلغت كبد السماء أخذت في العرض ذاهبة ساعة كما ان الوشاح يقع مائلا إلى أحد شقي المتوحشة به 25
نضا الثياب ينضوها نضوا إذا خلعها ، ونضاها ينضيها إذا أراد المبالغة ، اللبسة : حالة الملابس وهيئة لبسه الثياب بمنزلة الجلسة والقعدة والركبة والردية الازرة ، المتفضل : اللابس ثوبا واحدا إذا أراد الخفة في العمل ، والفضلة والفضل إسمان لذلك يقول : اتيتها وقد خلعت ثيابها عند النوم غير ثوب واحد تنام فيه وقد وقفت عند الستر مترقبة ومنتظرة لي وإنما خلعت الثياب لتري أهلها أنها تريد النوم 26
اليمين : الحلف ، الغواية والغي: الضلالة ، والفعل غوي يغوى غواية ويروي العماية وهي العمى ، الانجلاء : الانكشاف ، وجلوته كشفته فانجلى ، الحيلة أصلها حولة فأبدلت الواو ياء لسكونها وانكسار ماقبلها. وإن في قوله : وما إن ، إن زائدة ، وهي تزاد ما النافية : وما إن طبنا جبن ولكن منايا ودولة آخرينا يقول : فقالت الحبيبة أحلف بالله ما لك حيلة أي ما في لدفعك عني حيلة ، وقيل : بل معناه ما لك حجة في ان تفضحني بطروقك إياي وزيارتك ليلا ، يقال : ماله حيلة أي ما له عذر وحجة ، وما أرى ضلال العشق وعماه منكشفا عنك ، وتحرير المعنى أنها قالت : مالي سبيل إلى دفعك أو ما لك عذر في زياتي وما أراك نازعا عن هواك وغيك ، ونصب يمين الله كقولهم : الله لاقومن ، على إضمار الفعل ، وقال الرواة : هذا أغنج بيت في الشعر 27
خرجت بها ، أفادت الباء تعدي الفعل ، والمعنى : اخرجتها من خدرها ، الأثر والإثر واحد ، وأما الاثر ، بفتح الهمزة وسكون الثاء : فهو فرند السيف ، ويروى : على إثرنا أذيال ، والذيل يجمع على الاذيال والذيول ، المرط عند العرب : كساء من خز أو مرعزى أو من صوف ، وقد تسمى الملاءة مرطا ايضا ، والجمع المروط ، المرحل : المنقش بنقوش تشبه رحال الابل ، يقال : ثوب مرحل وفي هذا الثوب ترحيل يقول : فأخرجتها من خدرها وهي تمشي وتجر مرطها على أثرنا لتعفي به آثار أقدامنا ، والمرط كان موشى بأمثال الرحال ، ويروى : نير مرط ، والنير : علم الثوب 28
يقال : أجزت المكان وجزته إذا قطعته إجازة وجوازا ، الساحة تجمع على الساحات والسوح مثل قارة وقارات وقار وقور ، والقارة : الجبيل الصغير، الحي : القبيلة ، والجمع الأحياء ، وقد تسمى الحلة حيا ، الانتحاء والتنحي والنحو: الاعتماد على الشئ ، ذكره ابن الأعرابي . للبطن : مكان مطمئن ، الحقف : رمل مشرف معوج ، والجمع أحقاف وحقاف ويروى : ذي قفاف ، وهي جمع قف ، وهو ما غلظ وارتفع من الأرض ولم يبلغ أن يكون جبلا ، العقنقل: الرمل المنعقد المتلبد . وأصله من العقل وهو الشد . وزعم أبو عبيدة وأكثر الكوفيين إن الواو في وانتحى - مقحمة زائدة . وهو عندهم جواب لما ، وكذلك قولهم في الواو في قوله تعالي : "وناديناه أن يا ابراهيم" والواو لا تقحم زائدة في جواب لما عند البصريين ، والجواب يكون محذوفا في مثل هذا الموضع تقديره في البيت : فلما كان كذا وكذا تنعمت وتمتعت بها ، أو الجواب قوله هصرت ، وفي الآية فازا وظفرا بما أحبا ، وحذف جواب لما كثير في التنزيل وكلام العرب . ويقول : فلما جاوزنا ساحة الحلة وخرجنا من بين البيوت وصرنا إلى أرض مطمئنة بين حقاف ، يريد مكانا مطمئنا أحاطت به حقاف أو قفاف منعقدة ، والعقنقل من صفة الخبت لذلك لم يؤنثه ، ومنهم من جعله من صفة الحقاف وأحلة محل الأسماء معطله من علامة التأنيث لذلك . وقوله : وانتحى بنا بطن خبت ، أسند الفعل إلى بطن خبت ، والفعل عند التحقيق لهما لكنه ضرب من الاتساع في الكلام ، والمعنى صرنا إلى مثل هذا المكان ، وتلخيص المعنى : فلما خرجنا من مجمع بيوت القبيلة وصرنا إلى مثل هذا الموضع طاب حالنا وراق عيشنا 29
الهصر : الجذب ، والفعل هصر يهصر ، الفودان . جانبا الرأس ، تمايلت أي مالت . ويروى ، بغصني دومة ، والدوم . شجر المقال ، واحدتها دومة ، شبهها بشجرة الدوم وشبه ذؤابتيها بغصنين وجعل ما نال منها كالثمر الذي بجتنى من الشجر ، ويروى : إذا قلت هاتي ناولينتي تمايلت ، والنول والإنالة والتنويل : الاعطاء ، ومنه قيل للعطية نوال ، هضيم الكشح لأنه يدق بذلك الموضع من جسده فكأنه هضيم عند قرار الردف والجنبين والوركين ، ريا : تأنيث الريان ، المخلخل : موضع الخلخال من الساق ، والمسور : موضع السوار من الذراع ، والمقلد : موضع القلادة من العنق ، والمقرط : موضع القرط من الأذن . عبر عن كثرة لحم الساقين وامتلائهما بالري . هصرت : جواب لما من البيت السابق عند البصريين ، وأما الرواية الثالثة وهي إذا قلت فإن الجواب مضمر محذوف على تلك الرواية على ما مر ذكره في البيت الذى قبله يقول : لما خرجنا من الحلة وأمنا الرقباء جذبت ذؤابتيها إلى فطاوعتني فيما رما منها ومالت علي مسعفة بطلبتي في حال ضمور كشحيها وامتلاه ساقيها باللحم ، والتفسير على الرواية الثالثة : إذا طلبت منها ما أحببت وقلت أعطيني سؤلي كان ما ذكرنا ، ونصب هضيم الكشح على الحال ولم يقل هضيمة الكشح لأن فعيلا إذا كان بمعنى مفعول لم تلحقه علامة التأنيث للفصل بين فعيل إذا كان بمعنى الفاعل وبين فعيل إذا كان بمعنى المفعول ، ومنه قوله تعالى : "إن رحمة الله قريب من المحسنين 30
المهفهفة : اللطيفة الخصر الضامرة البطن ، المفاضة : المرأة العظيمة البطن المسترخية اللحم ، الترائب جمع التريبة : وهي موضع القلادة من الصدر ، السقل والصقل ، بالسين والصاد : إزالة الصدإ والدنس وغيرهما ، والفعل منه سقل يسقل وصقل بصقل ، السجنجل : المرآة ، لغة رومية عربتها العرب ، وقيل بل هو قطع الذهب والفضة يقول : هي المرأة دقيقة الخصر ضامرة البطن غير عظيممة البطن و لا مسترخية وصدرها براق اللون متلألىء الصفاء كتلألؤ المرآة 31
البكر من كل صنف : مالم يسبقه مثله ، المقاناة . الخلط ، يقال : قانيت بين الشيئين إذا خلطت أحدهما بالآخر ، والمقاناة في البيت مصوغة للمفعول دون المصدر ، النمير : الماء النامي في الجسد ، المحلل : ذكر أنه من الحلول وذكر أنه من الحل ِ، ثم إن للائمة في تفسير البيت ثلاثة أقوال : أحدها أن المعنى كبكر البيض التي قوني بياضها بصفرة ، يعني بيض النعام وهي بيض تخالط بياضها صفرة بسيرة ، شبه بلون العشيقة بلون بيض النعام في أن في كل منهما بياضا خالطته صفرة ، ثم رجع إلى صفتها فقال : غذاها ماء غير عذب لم يكثر حلو الناس عليه فيكدره ذلك ، يريد أنه عذب صاف ، وإنما شرط هذا لأن الماء من أكثر الأشياء تأثيرا في الغذاء لفرط لحاجة إليه فإذا عذب وصفا حسن موقعه في غذاء شاربه ، وتلخيص المعنى على هذا القول : إنها بيضاء تشوب بياضها صفرة وقد غذاها الماء نمير عذب صاف ، والبياض شابته صفرة هو أحسن ألوان النساء عند العرب . والثاني أن المعنى كبكر الصدفة التي خولط بياضها بصفرة ، وأراد ببكرها درتها التي لم ير مثلها ، ثم قال : قد غذا هذه الدرة ماء نمير وهي غير محللة لمن رامها لأنها في قعر البحر لاتصل إليها الأيدي ، وتلخيص المعنى على هذا القول : إنه شبهها في صفاء وكذلك لون الصدفة ، ثم ذكر أن الدرة التي أشبهتها حصلت في ماء نمير لاتصل إليها أيدي طلابها ، وإنما شرط النمير والدر لايكون إلا في الماء الملح لأن الملح له بمنزلة العذب لنا إذ صار سبب نمائه كما صار العذب سبب نمائنا . والثالث أنه أراد كبكر البردي التي شاب بياضها صفرة وقد غذا البردي ماء نمير لم يكثر حلول الناس عليه ، وشرط ذلك ليسلم الماء عن الكدر وإذا كان كذلك لم يغير لون البردي ، والتشبيه من حيث أن بياض العشيقة خالطته صفرة كما خالطت بياض البردي . ويروى البيت بنصب البياض وخفضه ، وهما جيدان ، بمنزلة قولهم : زيد الحسن الوجه ، والحسن الوجه ، بالخفض على الاضافة والنصب على التشبيه كقولهم : زيد الضارب الرجل 32
الصد والصدود : الاعراض ، والصد أيضا الصرف والدفع ، والفعل منه صد يصد ، والاصداد الصرف أيضا ، الإبداء : الاظهار ، الأسالة : امتداد وطول الخد ، وقد أسل أسالة فهو أسيل ، الاتقاء : الحجز بين الشيئين ، يقال : اتقيته بترس أي جعلت الترس حاجزا بيني وبينه ، وجرة : موضع ، المطفل : التي لها طفل ، الوحش . جمع وحشي مثل زنج وزنجي وروم ورومي . يقول : تعرض العشيقة عني وتظهر خدا اسيلا وتجعل بيني وبينها عينا ناظرة من نواظر وحش هذا الموضع التي لها أطفال ، شبهها في حسن عينيها بظبية مطفل أو بمهاة مطفل . وتلخيص المعنى : إنها تعرض عني فتظهر في أعراضها خخدا أسيلا وتستقبلني بعيون مثل عيون ظباء وجرة أو مهاها اللواتي لها أطفال ، وخصهن لنظرهن إلى أولادهن بالعطف والشفقة وهن أحسن عيونا في تلك الحال منهن في سائر الأحوال . قوله : عن أسيل ، أي عن خد اسيل ، فحذف الموصوف لدلالة الصفة عليه كقولك . مررت بعاقل ، إي بانسان عاقل ، وقوله : من وحش وجرة ، أي من نواظر وحش وجرة ، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامة كقوله تعالى : "وسأل القرية" أي أهل القرية 33
الرئم . الظبي الأبيض الخالص البياض ، والجمع ارآم ، النص : الرفع ، ومنه سمي ما تجلي عليه العروس منصة ، ومنه النص في السير وهو حمل البعير على سير شديد ؛ ونصصت الحديث أنصه نصا : رفعته ، الفاحش : ما جاوز القدر المحمود من كل شيء يقول : وتبدي عن عنق كعنق الظبي غير متجاوز قدره المحمود إذا ما رفعت عنقها وهو غير معطل عن الحلي ، فشبه عنقها بعنق الظبية في حال رفعها عنقها ، ثم ذكر أنه لا يشبه عنق الظبي في التعطل عن الحلي 34
الفرع : الشعر التام ، والجمع فروع ، ورجل أفرع وامرأة فرعاء ، الفاحم : الشديد السواد مشتق من الفحم ، يقال : هو فاحم بين الفحومة ، الأثيث: الكثير ، والأثاثة الكثرة ، يقال : أث الشعر والنبت ، القنو يجمع على الإقناء والقنوان ، العثكول والعثكال قد يكونان بمعنى القنو وقد يكونان بعنى قطعة من القنو ، والنخلة المتعثكلة : التي خرجت عثاكيلها أي قنوانها يقول : وتبدي عن شعر طويل تام يزين ظهرها إذا ارسلته عليه ؛ ثم شبه ذؤابتيها بقنو نخلة خرجت قنوانها ، والذوائب تشبه بالعناقيد ، والقنون يراد به تجعدها وأثاثتها 35
الغدائر جمع الغديرة : وهي الخصلة من الشعر ، الاستشزار: الارتفاع والرفع جميعا ، فيكون الفعل من ه مرة لازما ومرة متعديا ، فمن روى مستشزرات بكسر الزاي جعله من اللازم ، ومن روى بفتح الزاي جعله من المتعدي ، العقيصة : الخصلة المجموعة من الشعر ، والجمع عقص وعقائص ، والفعل من الضلال والضلالة ضل يضل يقول : ذوائبها وغدائرها مرفوعات أو مرتفعات إلى فوق ، يراد به شدها على الرأس بخيوط ، ثم قال : تغيب تعاقيصها في شعر بعضه مثنى وبعضه مرسل ، أراد به وفور شعرها . والتعقيص التجعيد 36
الجديل خطام يتخذ من الادم ، والجمع جدل ، المخصر : الدقيق الوسط ، ومنه نعل مخصرة ، الانبوب : ما بين العقدتين من القصب وغبره ، والجمع الأنابيب . السقي هاهنا : بمعنى المسقي كالجريح بمعنى المجروح ، والجني بمعنى المجني ويقول : وتبدي عن كشح ضامر يحكي في دقته خطاما متخذا من الادم و عن ساق يحكي في صفاء لونه انابيب بردي بين نخل قد ذللت بكثرة الحمل فأظلت أغصانها هذا البردي ، شبه ضمور بطنها بمثل هذا الخطام ، وشبه صفاء لون ساقها ببردي بين نجيل تظلله أغصانها ، وإنما شرط ذلك ليكون أصفى لونا وأنقى رونقا ، وتقدير قوله كأنبوب السقي كأنبوب النخل المسقي ، ومنهم من جعل السقي نعتا للبردي ايضا ، والمعنى على هذا القول : كأنبوب البردي المذلل بالارواء 37
الاضحاء . مصادفة الضحى ، وقد يكون بمعنى الصيرورة ايضا ، يقال : أضحى زيد غنيا أي صار ، ولا يراد به إنه صادف الضحى على صفة الغنى ، ومنه قول عدي بن زيد : ثم أضحوا كأنهم ورق جف فألوت به الصبا والدبور أي صاروا ، الفتيت الفتات : أسم لدقاق الشيء الحاصل بالفت ، قوله : نؤوم الضحى ، عطل نؤوما عن علامة التأنيث لأن فعولا إذا كان بمعنى الفاعل يستوي لفظ صفة المذكر والمؤنث فيه ، يقال : رجل ظلوم وامرأة ظلوم ، ومنه قوله تعالى :"توبة نصوحا" ، قوله : لم تنتطق عن تفضل ، أي بعد تفضل ، كما يقال : استغنى فلان عن فقره أي بعد فقره ، والتفضل : ليس الفضلة ، وهي ثوب واحد يلبس للخفة في العمل يقول : تصادف العشيقة الضحى ودقاق المسك فوق فراشها الذي باتت عليه وهي كثيرة النوم في وقت الضحى ولا تشد وسطها بنطاق بعد لبسها ثوب المهنة ، يريد إنها مخدومة منعمة تخدم ولا تخدم ، وتلخيص المعنى : أن فتات المسك يكثر على فراشها وأنها تكفى أمورها فلا تباشر عملا بنفسها وصفها بالدعة والنعمة وخفض العيش وإن لها من يخدمها ويكفيها أمورها 38
العطو : التناول ، والفعل عطا يعطو عطوا ، والاعطاء المناولة ، والتعاطي التناول ، والمعطاة الخدمة ، والتعطية مثلها . الرخص : اللين الناعم ، الشثن : الغليظ الكز ، وفد شثن شثونة ، والأسروع واليسروع : دود يكون في البقل والاماكن الندية ، تشبه أنامل النساء به ، والجمع الاساريع واليساريع ، ظبي: موضع بعينه ، المساويك : جمع المسواك ، الاسحل : شجرة تدق أغصانها في استواء ، تشبه الاصابع بها في الدقة والاستواء يقول : وتتناول الاشياء ببنان رخص لين ناعم غير غليظ ولا كز كأن تلك الانامل تشبه هذا الصنف من الدود أو هذا الضرب من المساويك وهو المنخذ من أغصان الشجر المخصوص المعين 39
الاضاءة : قد يكون الفعل المشتق منها لازما وقد يكون متعديا ، تقول : أضاء الله الصبح فأضاء ، والضوء والضوء واحد ، والفعل ضاء يضوء ضوءا ، وهو لازم ، المنارة : المسرجة ، والجمع المناور والمنائر ، الممسى : بمعنى الامساء والوقت جميعا ، ومنه قول أمية : الحمد للهممانا ومصبحنا بالخير صبحنا ربي ومسانا ، الراهب يجمع على الرهبان مثل راكب وركبان وراع ورعيان ، وقد يكون الرهبان واحدا ويجمع حينئذ على الرهبانة والرهابين كما يجمع السلطان على السلاطنة ، أنشد الفراء: لو أبصرت رهبان دير في جبل لانحدر الرهبان يسعى ويصل جعل الرهبان واحدا ، لذلك قال يسعى ولم يقل يسعون ، المتبتل : المنقطع إلى الله بنيته وعمله ، والبتل : القطع ، ومنه قيل مريم البتول لانقطاعها عن الرجال واختصاصها بطاعة الله تعالى ، فالتبتل إذن الانقطاع عن الخلق والاختصاص بطاعة الله تعالى ، ومنه قوله تعالى : "وتبتل إليه تبتيلا" يقول : تضيء العشيقة بنور وجهها ظلام الليل فكأنها مصباح راهب منقطع عن الناس ، وخص مصباح الراهب لأنه يوقده ليهتدي به عند الضلال فهو يضيئه أشد الإضاءة ، يريد ان نور وجهها يغلب ظلام الليل كما أن نور مصباح الراهب يغلبه 40
الاسبكرار. الطول والامتداد ، الدرع : هو قميص المرأة ، وهو مذكر ، ودرع ودروع ، المجول : ثوب تلبسه الجارية الصغيرة يقول : إلى مثلها ينبغي أن ينظر العاقل كلفا بها وحنينا إليها إذا طال قدها وامتدت قامتها بين من تلبس الدرع وبين من تلبس المجول ، أي بين اللواتي أدركن الحلم وبين اللواتي لم يدركن الحلم ، يريد أنها طويلة القد مديدة القامة وهي اليوم لم تدرك الحلم وقد ارتفعت عن سن الجواري الصغار . قوله - بين درع ومجول ، تقديره - بين لابسة درع ولابسة مجول ، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه 41
سلا فلان حبيبه يسلو سلوا ، وسلى يسلي سليا ، وتسلى تسليا ، وانسلى انسلاء أي زال حبه من قلبه أو زال حزنه ، العماية والعمى واحدا ، والفعل عمي يعمى . زعم أكثر الائمة أن في البيت قلبا تقديره : تسك لرجالات عن عمايات الصبا أي خرجوا من ظلماته وليس فؤادي بخارج من هواها وزعم بعضهم أن عن في البيت بمعنى بعد ، تقديره : انكشفت وبطلت ضلالات الرجال بعد مضي صباهم بينما ظل فؤادي في ضلالة هواها ، وتلخيص المعنى : أنه زعم أن عشق العشاق قد بطل وزال ، وعشقه إياها باق ثابت لا يزول ولا يبطل 42
الخصم لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث في لغة شطر من العرب ، ومنه قوله تعالى:"وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب" ، ويثنى ويجمع في لغة الشطر الآخر من العرب ، ويجمع على الخصام والخصوم الألوي: الشديد الخصومة كأنه يلوي خصمه عن دعواه النصيح : الناصح التعذال والعذل : اللوم ، والفعل عذل يعذل . الألو والائتلاء : التقصير ، والفعل ألا يألو ، وائتلى يأتلي يقول : ألا رب خصم شديد الخصومة كان ينصحني على فرط لومه إياي على هواك غير مقصر في النصيحة واللوم رددته ولم انزجر عن هواك بغذله ونصحه . وتحرير المعنى : أنه بخبرها ببلوغ حبه إياها الغاية القصوى حتى إنه لا يرتدع عنه بردع ناصح ولا ينجح فيه لوم لائم ، وتقدير لفظ البيت : ألا رب خصم ألوى نصيح على تعذاله غير مؤتل - رددته 43
شبه ظلام الليل في هوله وصعوبته ونكارة أمره بامواج البحر ، السدول : الستور ، الواحد منها سدل ، الإرخاء . إرسال السدل وغيره ، الابتلاء:الاختبار ، الهموم : جمع الهم ، بمعنى الحزن وبمعنى الهمة . الباء في قوله : بأنواع الهموم ، بمعنى مع يقول : ورب ليل يحاكي أمواج البحر في توحشه ونكارة أمره وقد أرخى علي ستور ظلامه مع أنواع الأحزان ، أو مع فنون الهم ، ليختبرني أأصبر على ضروب الشدائد وفنون النوائب أم أجزع منها . ولقد أمعن الشاعر في النسيب من أول القصيدة إلى هنا حيث انتقل منه إلى التمدح بالصبر والجلد 44