الام وعشيقها في البانيو وطفلها يبكي فى البلكونة !!
كان البلاغ على قدر كبير من الأهمية !
البلاغ قدمة عشرات السكان فى أحد الأحياء الراقية .. يقول البلاغ إن طفلا
صغيرا فى الخامسة من عمرة يبكى بحرقة فى بلكونة إحدى العمارات بالطابق
الخامس!.. وإن بلكونة الشقة بابها مغلق من الداخل منذ ليلة الأمس وحتى غروب
شمس اليوم التالى ، بينما صراخ وبكاء الطفل لايتوقفان!
أعطت الشرطة للبلاغ أهمية قصوى .. عرضت الأمر على النيابة فأذنت بكسر باب
الشقة وإنقاذ الطفل فورا، تم إجراء التحريات حول الواقعة للوصول إلى
المتسبب فى هذة الكارثة!
خلال وقت قصير تمكنت المباحث من دخول الشقة وبصحبتها وكيل النيانة الذى حضر
لهفة على الطفل الصغير الذى أكدت بلاغات أخرى للنيابة أنة يكاد يموت خوفا
وفزعا، وان جيران العمارة ظنوا ان امة تؤدبه! أو أنها نائمة بعد أن أنغلق
باب البلكونة دون قصد من الطفل ، أو أنها خرجت وسوف تعود سريعا مع نفس
احتمال أن يكون الطفل وهو يلهو غافله تيار الهواء الشديد فأغلق علية باب
البلكونة .. إلا ان كل هذة التكهنات لم تصدق .. ومرت الساعات وآة من
الساعات ومن ظلمة الليل وبرد الشتاء الذى لو يخفف منة سطوع شمس اليوم
التالى والطفل على حاله!
ولم يكن بصحبة الشرطة النيابة وحدها .. وإنما وصل – فى التوقيت نفسه-
المصور الصحفى الكبير فاروق إبراهيم، وكان مصورا خاصا للرئيس السادات وكبار
النجوم كأم كلثوم وعبد الحليم حافظ، ولكنة لم يتعال يوما على العمل الصغير
مع صغار الصحفيين- من أمثالى – فى هذا الوقت ،فهو لا يعبأ ببدلته الأنيقة
بل يرقد فوق الأرض ليلتقط صورة من زاوية ما ، وتظنه لاعب سيرك محترف وهو
يقفز فوق الأسوار ويتسلقها أو يخترق الصفوف وكأنه يرتدى طاقية الإخفاء
لينفرد بصورة تكون حديث مصر كلها فى اليوم التالى!
كان فاروق إبراهيم هناك فى مسرح الحادث لأن الصحافة هى صحافة ميدانية تنقل
القارئ إلى مكان الحدث ! شق رئيس المباحث طريقه كالسهم نحو بلكونة الشقة ،
فتح بابها بسرعة ، أخرج الطفل الذى كان يرتعد ويحاول أن تسعفه الذاكرة
ليجيب على اسئلة رئيس المباحث
- ماما فين؟!
• مااعرفش .. هى سابتنى ألعب فى البلكونة وشفتها وهى بتقفل الباب على !!
نظر الظابط نحو زملائه الذين كانوا يعاينون الشقة بعيونهم بينما كان وكيل
النيابة يتحفظ على حقيبة مفتوحة على السفرة وبداخلها شيكات جاوزت قيمتها
ملايين الجنيهات ومبالغ نقدية تجاوز الآف الجنيهات ! .. سأل الضابط معاونه !
- الأم أليست موجودة فى الشقة
-- كل الحجرات مغلقة ماعدا حجرة النوم وتبدو بداخلها بعض الملابس المبعثرة
بجوار السرير.. وجهاز التليفزيون داخل مكتبة خشبية لايزال يعمل ، وضوء خافت
لايزال ينبعث من أباجورة بجوار السرير! لم تسفر معاينة حجرات الشقة عن أى
خيط يرشد المباحث إلى فك اللغز كما أن مداخل ومنافذ الشقة سليمة ولا آثار
للعنف أو المقاومة. لكن بعثرة الأشياء داخل حجرة النوم كانت تعنى شيئا
لرئيس المباحث ، خاصة الملابس غير المرتبة داخل ضلفة الدولاب المفتوحة!..هل
دخلت الأم لتستحم ؟! لم يتردد رئيس المباحث واتجة نحو الحمام .. كان مغلقا
هو الاخر من الداخل .. صدق توقع الضابط وربما فارقت الام الحياة داخل
الحمام! لكن بعد كسر باب الحمام كانت المفاجأة أكبر مما توقع الضابط بينما
فاروق ابراهيم منهمك فى التقاط الصور الإنسانية الرائعة للطفل وهو يتحرك مع
الضابط داخل الشقة ينادى على أمه وملامح وجهه ترجوها أن ترد وتطرد عنه
حالة الهلع!
مفاجأة من العيار التقيل داخل البانيو.. الأم فارقت الحياة وبجوارها جثة
رجل !.. انطلقت من الطفل صرخة مدوية هزت المكان ومزقت أعصاب الجميع.. جذبه
الضابط خارج الحمام وسألوه:
- هل تعود بابا أن يدخل الحمام مع ماما..؟!
• هذا ليس بابا .. إنه عمو!
لم يستطيع الطفل إضافة أية معلومات عن “عمو” سوى أن ماما تعرفة جيدا!
الجيران والبواب قالوا ان صاحب الجثة رجل غريب.. لكن صاحبة الشقة اخبرتهم
ذات مناسبة أنه قريب لها !.. لم يعد فى الحادث غموض .. إنه صديق الزوجة
والعلاقة بينهما تدور من خلف ظهر الزوج الذى يعمل فى السعودية!
عاد الزوج على أول طائرة على مصر.. وكانت تحريات المباحث قد توصلت إلى ان
صاحب الجثة صديق الزوجة هو نفسه صاحب الحقيبة التى كانت موضوعة فوق مائدة
السفرة ، وتم التعرف من خلالها على شخصيته فهو تاجر من وكالة البلح ولا يمت
للزوج أو الزوجة باى صلة قرابة !!
وتوالت المفاجات واحدة بعد الأخرى .. حجز الزوج على أول طائرة للسعودية بعد
ان رفض ان يستلم الطفل مؤكدا أنه ليس أبنه ، أو هكذا ملأته الشكوك!
ورفضت أسرة الزوجة استلام جثتها فدفنت فى مقابر الصدقة.. ورفضت أسرة صديقها
التاجر استلام جثته فدفن الى جوار صديقته بنفس المقابر وكأنها حكمة
لايعلمها سوى الله !
المؤلم أن أسرة الزوجة رفضت- ايضا – استلام الطفل رغم وساطة الضابط ووكيل
النيابة الذى أضطر فى النهاية إلى تسليم الصغير لأحد الملاجئ .. لكن الوحيد
الذى ظل يتابعة وهو يبكى كان فاروق ابراهيم .. سألته:
- لم أشاهد دموعك من قبل يافاروق؟!
• من لايعرف البكاء مدى الحياة، سوف يبكى على هذا الطفل الذى لم يكن
يفهم مايدورحوله ، وكان يتوسل للجميع أن يوقظوا أمه حتى ينام مطمئنا الى
جوارها!
ولأول مرة أشاهد فاروق ثائرا حينما سألته أن يمنحنى صور الطفل .. صاح فاروق فى وجهى قائلا:
هل تريدنى أن أكون مجرما مثل الأم وصديقها والزوج الذى تخلى عن أبنه .. صور هذا الطفل قد تدمر مستقبله وهو مش ناقص!!