بسم الله الرحمن الرحيم
شهر رمضــــــان
لقد فرض الله عز وجل صيام شهر رمضان في شهر شعبان في السنة الثانية من الهجرة على كل مسلم ومسلمة وبالغ وبالغة قادر وقادرة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى ( يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) صدق الله العظيم
لقد ميز الله صيام هذه الأمة عن غيرها من الأمم السابقة بالتقوى ، والتقوى هي الرضا بالقليل والعمل بالتنزيل والخوف من الجليل والاستعداد ليوم الرحيل وعندما يأتي رمضان ينادي مناد من قبل الله تعالى فيقول يا باغي الخير اقبل ويا باغي الشر أقصر ، ها هي سوق الخير نصبت وساحة العفو اتسعت وباب المغفرة فتح وباب الشر أغلق ، فيا من تريد تجارة مع الله لن تبور أبداً ورزقاً لا ينفد وربحاً لا ينحسر ، في هذا الشهر تدرك وبالصيام فيه تلحق .
والصيام ليس هو الامتناع عن الطعام والشراب فحسب ولكنه الامتناع عن كل ما حرمه الله تعالى من طلوع الفجر حتى غروب شمس اليوم التالي بنية التقرب إلى الله كما قال صلى الله عليه وسلم ( إن الله فرض صيام رمضان وسن لكم قيامه فمن صامه إيماناً واحتسابا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ) وها هو سلمان الفارسي يقول كان النبي في آخر يوم من شعبان يقول ( يأيها الناس قد أظلكم شهر كريم مبارك فيه ليلة خير من ألف شهر وجعل الله صيامه فريضة وقيام ليله تطوعاً فمن تقرب فيه بخصلة من خصال الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه ، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعون فريضة فيما سواه ، وهو شهر الصبر والصبر ثوابه الجنة وشهر المواساة يزاد فيه من رزق المؤمن ، فمن فطر فيه صائماً على شربه ماء أو شق تمرة أو مذقه لبن كان عتقاً لرقبته من النار وهو شهر جعل الله في أوله رحمه وأوسطه مغفرة وآخرة عتق من النار ويقول ( ص ) خاب وخسر خاب وخسر خاب وخسر قيل من يا رسول الله قال من أدرك رمضان ولم يغفر له .
كما يتميز هذا الشهر بخاصية النسب فقال رب العزة في حديثة القدسي ( كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ) وقال النبي ( ص ) : أعطيت أمتي في شهر رمضان خمساً لم يعطهن نبي قبلي ( الأولى في أول ليلة من رمضان ينظر الله إلى الصائمين ومن نظر إليه لم يعذبه أبداً ، الثانية تستغفر الملائكة للصائمين ، الثالثة يأمر الله الجنة أن تتزين لعباده الصائمين الذين أوشكوا أن يستريحوا من تعب الدنيا ، أما الرابعة جعل الله رائحة أفواه الصائمين حين يمسون أطيب من رائحة المسك ، وأما الخامسة في آخر يوم من رمضان يغفر الله للصائمين ، فقال أحد القوم أهي ليلة القدر يا رسول الله قال لا ألم تر إلى العمال حين يعملون فإذا فرغوا من أعمالهم وفوا أجورهم هكذا الصائمون .
فيجب علينا أمة الإسلام أن نحافظ على صيامنا فرب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش ورب قائم ليس له من قيامه إلا التعب والسهر فالصيام جنه فمن لم يصم جوارحه عن محارم الله فلا حاجة له أن يدع طعامه وشرابه من أجله ويقول ( ص ) (( القرآن والصيام يشفعان للعبد يوم القيامة)) ومن فضائل الصيام إنه يهذب النفوس ويحفظها من الشهوات والأمراض وأنه يريح أعضاء الجسد من الخمول والكسل ولا ننسى الآداب الاجتماعية التي يجب أن نتحلى بها مثل الصبر والاستغفار والدعاء وقراءة القرآن والعطف على الفقراء والمساكين وصلة الأرحام والترابط حتى تكون هذه الأمة كمثل الجسد الواحد إذا أشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى والصيام جنة فيجب على الإنسان ألا يرفث ولا يسخط وإن سابه أحد أو قاتله أحد فليقل إني امرؤ صائم إني امرؤ صائم إني امرؤ صائم وقال ( ص ) الصيام جنة فمن استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء وهو أغض للبصر وأحصن للفرج . ويقول (ص ) للصائم فرحتان ، فرحة عند لقاء ربه ، وفرحه عند فطرة ، كما جعل للصائم دعوة لا ترد
فيجب أن نستثمر صيام هذا الشهر وأن نحاسب أنفسنا فلا يدري أحدنا هل يعيش إلى رمضان القادم أمل لا ؟ أدعوا الله عز وجل أن يبلغنا رمضان وما بعد رمضان وأن يجعلنا من عتقاء هذا الشهر وأن يجمع شمل هذه الأمة والله على ما يشاء قدير .